ولدت من جديد


-         حبيبي
-         ما رأيكِ لو تناولنا العشاء سوياً هذه الليلة؟
-         أين؟؟
-         إختاري المكان الذي تحبين
-         (حضنت قلبها بيدها الباردتين و همست له: أنه الموعد الذي تنتظره منذ شهرين) ما رأيك لو أتيت إلى منزلي و أعددت لك دجاج و الخضار الذي تحب ؟؟
-         حسنناً موعدنا في الثامنة
-         بإنتظارك
-         سلام
أغلقت الهاتف و قلبها يرتطم بقفصها الصدري و شفتيها تحاول تهدئته.  دقت الساعة معلنة الرابعة عصراً , أسرعت إلى المطبخ و بدأت بإعداد الطعام ,للحظات كان يتهيا لها أن الدجاج مازال على قيد الحياة من شدة النبض في جسدها. كانت تحاول أن تنقل تفكيرها من قلبها إلى دجاجة باردة و خضروات ملونه, يداها ترتجفان و صوت سكين ترتطم بلوح تقطيع يتزامن مع طرقات قلبها, و صوت الساعة يعلو و يعلو و أفكارها في حالة غليان ,,, و صور تدور حولها ,,,, جرحت شاهدها مرتين ,,, و تمتمت بملايين الاغاني و حال قلبها لا يتغير ,,, أمضت ساعتين و نصف في المطبخ ,,, لتخرج إلى الصالة توزع الشموع في كل مكان و ترش عطرها في كل ركن حتى على منديل الطعام ,,, و طرقت الساعة لتعلن السابعة تزامنت مع صوت ماء الاستحمام الدافئ لعله يهدئ من طرقات قلبها ,,,ثم  وقفت أمام خزانتها ,, تأملت جميع أثوابها و لم يعجبها شيء و في الركن الاخير كان ثوبها الاحمر يستقر ,,, أخرجته و قالت: لن أجد أجمل من هذا اليوم لارتديك ,,, فردت شعرها المتموج على كتفيها ,,, و وضعت الكحل العربي ليبرز جمال عينيها ثم وضعت أحمر الشفاه لتشرق شفتيها ,,, ثم نثرت عطر الياسمين على جسدها فداعب قلبها فبدأ بالهدوء,,, إرتدت حذاء فضي اللون ,,, و توجهت نحو الصالة ,,, بقي على الثامنة خمس دقائق ,, صوت سيارة إستقرت أمام العمارة ,, سارت بخطوات صلبة و طرقات قلبها تهدأ و كانها أوشكت على التوقف,,, أخذت نفس عميق و فتحت الباب ,,, هو يقف أمام الباب وفي يده وردة بيضاء ,,, دخل دون أن ينطق بكلمة ,,, جلس على كنبة لشخص واحد و لأول مرة ,,, و طلب منها أن تجلس ,,,  كان يتأمل الوردة و يتمتم بكلام غير مفهوم ,,, قاطعت تمتمته و قالت : أعلم أنك جئت لتخبرني بشيء ,,
-         نعم , لا , نعم , لا , ماذا؟؟
-         لا تخف لم أفهمك بشكل خطئ
-         ماء
-         (ناولته الماء ) ,, أعلم ماذا يدور في فكرك منذ شهرين ,,
-         (سقط كأس الماء من يده)
-         لقد أعددت الطعام الذي تحب ,, و لبست الثوب الأجمل من ثيابي,,, أتعلم لماذا؟؟
-         لماذا؟؟
-         لأرسلك لأحضان التي تواعدها منذ شهرين و في يدك بطاقة معايدة مكتوب عليها : شكراً
-         لا ,, لم أقصد أن .........
-         (قاطعته) أنتظرت هذا اليوم منذ شهرين ,,, و لكنك كنت أجبن من أن تصراحني لا يهمني ماذا جد لتصراحني اليوم و لكني أعلم أني لم أعد أحتاجك في حياتي ,,, (سارت بخطوات واثقة و صوت حذاءها يملأ المكان فتحت الباب)
كان يبحث عن الكلمات كطفل يحاول أن يبرر لأمه سبب تلوث ملابسه و هي لاتسمع . كانت تقف بصلابه و رأس مرفوع ,,, ما أن خرج حتى أغلقت الباب بهدوء ,,, لم يمضي دقيقتين حتى سمعت هاتفه يرن و قال: نعم لقد أخبرتها بأن كل شيء قد أنتهى و أني أحبك و قررت أن أكمل حياتي معك,,, (صمت لثواني) لقد إنهارت من البكاء و توسلت كثيرا و لكن قلبي معك أنت و لا يمكنني خداعها ,,, بدأ صوته يبعد شيئأَ فشيء إلى أن غرق في عتمة الليل ,,,
هو رسم بطولة و شجاعة على قلبها في الوقت الذي كانت هي تحتفل بأن الحياة قد ألهمتها القوة و الصبر حتى و لو لدقائق لتفتح له باب الخروج و تسمح لهواء بارد أن ينعش حواسها من جديد,,,



ملاحظة: تم نشر المقال في جريدة الأيام العدد الثاني و سواليف


Comments

Popular posts from this blog

رحيل اضطراري

الخريف

همسات الإنتظار

ضجيج المدينة