رمشة عين
من خلف نافذتها الصغيرة تُراقب الليل,,, تتبع مسار الشُهب بأناملها
الناعمة ,,, تُرسل رسائل مع القمر لسكان الأرض ,,, قلبها يرتجُف بين بين ضلوعها
فرحاً و خوفاً ,,, تتجول في غرفتِها بين الحين و الآخر تعزفُ بخطواتِها لحناً غريب
جميل حزين ,,, لحن لم يعزف بعد ,, تقترب من الباب,,, ترفعُ يَدها الصغيرة الباردة
برجفة حائرة نحو يد الباب و لكن سرعان ما أن تعود إلى جيبها ,,,, في الزاوية كرسي
هزاز من خيزران ورثته عن جدتها لأمها ,,, بجانبه مذياع قديم - أول مذياع أمتلكته
عائلتها -, أما الجدران كانت تبدوا جميلة بورق مزهر، و فوق سريرها فقد كانت تزينه
صورة العائلة ,,, كلما رأتها كانت تتكلف الإبتسامة,,, ليل طويل في داخلها لا ينتهي
بشروق الشمس ,,, ليل تتعاقب عليه الفصول ,,, ليلٌ لم يكتب عنهُ في روايات ,,, ليل
يمزج بين السلم و الحرب ,,, ليلها لا يشعر به أحد ,,, يتسلل إلى نفسها شعور
بالغربة ,,,, غربة عن نفسها ,,, عالمها و حتى نفسها ,,, ترغب بالخروج للبحث عن سم
قاتل لهذه الغربة التي تسيطر عليها و لكن الخوف من شيء ما وراء الباب يكبل يديها
الصغيرتين,,, كذلك خوفها يمنعها أن تتخلى عن أي من محتويات غرفتها فتكون ناكرة
للجميل ,,, أما خلف الباب فهناك عالم مختلف ,,, عالم ينتهي ليله بشروق الشمس ,,,
عالم تعرفه و تعيشه ,,, عالم لا يتوقف ,,, يفصل بينها و بينه باب من خشب ,,, و في
لحظة زمنية غير متوقعة ,,, خرجت إلى العالم ,,, خرجت لان الضوء قد إنطفئ و خيم
الظلام داخل الغرفة و هي تخشى الظلام ,,, و لكن الضوء لم ينطفئ بل رمشت عينها،
فتملكت حواسها الرغبة بالخروج فخرجت ,,,,
هي تسكن في داخلي ,,, و داخلك ,,, و داخل عابر طريق لفت لفت
انتباهي ,,, داخل سكان الأرض ,,, هي رغبة التغير التي تسيطر علينا من حين إلى آخر بخوفها و خوف أن
نكون جاحدين للماضي ,,,, يرافقها
غربة عن أنفسنا فنسأل أين رحلنا ,,, فنشعر أننا لا ننتمي إلى حياتنا
,,, فتسيطر علينا رغبة الخروج و لكن الخوف من عاصفة رملية يمنعنا ,,, هي سر من أسرار الإستمرارية والتعلم في الحياة ,,, هي حلم
للبعض و واقع للغير ,,,
ما يختلفُ بيني وبينك وبين عابر الطريق هو سرعتها ,,, فبعضنا يملك سرعة السُلحفاة للوصولِ إلى بيتها ,,, و
البعض يملك سرعة الارنب ,,, أما رمشة
عينها ما هي سوى لحظة صدق مع التغير ,,,, رغم قصرها إلا أنها نقطة البداية
,,, فكم من بداية ابتدأت برمشة عين ,,,,
Comments
Post a Comment