ثورة النسيان
أقف في غرفة مظلمة في يدي اليمنى خيزرانة أطرق بها على
لوح أسود كتب عليه بطبشور أبيض "النسيان" لا يوجد سوى طالب واحد يدعى
"العقل". منذ سنوات و أنا أدرس نفس المناهج و في كل إمتحان رسوب فاجع. مارست
كل مهارات التعليم التي أعرف و لم أصل لدرجة النجاح. لُمت طالبي و نفسي و نسيت أن العملية
التعليمية تتكون من أربع عناصر: المعلم و التلميذ و المنهج و الصف الدراسي.
فمشكلتي تكمن في الصف الدراسي فقد أجلست طالبي في غرفة مظلمة جدرانها مغطاة بصور تسكنها أرواح لطالما حاول نسيانها. تلك الأرواح تملك سُلطة عليه أقوى من سُلطة الخيزران و تملك أصوات تعلو على كل الأصوات ... كيف للعقل إن يرسل بأشخاص و أحداث إلى الذاكرة و هو يسكن معها و لا يرى غيرها ...
فمشكلتي تكمن في الصف الدراسي فقد أجلست طالبي في غرفة مظلمة جدرانها مغطاة بصور تسكنها أرواح لطالما حاول نسيانها. تلك الأرواح تملك سُلطة عليه أقوى من سُلطة الخيزران و تملك أصوات تعلو على كل الأصوات ... كيف للعقل إن يرسل بأشخاص و أحداث إلى الذاكرة و هو يسكن معها و لا يرى غيرها ...
لقد أخطأت في
إختيار المكان المغلق و لذلك قررت أن أعود لأيام الأجداد لمدرسة حديقة أرضيتها من العشب الاخضر و سقفها السماء
و بلا جدران رغم خوفي من أن يتشتت تلميذي بعابري السبيل و زقزقة العصافير و منهج
معلم آخر- و لذلك قررت أن أحتفظ بل خيزرانة لعلي أحتاجها - اليوم الأول لم يختلف عن سابقه و لا حتى
الشهر الأول و فكرة العودة للغرفة المظلمة بدأت تطرق الطبول إلى أن مر عابر سبيل بمدرستي
,,,
أنه الزائر الأول منذ زمن كأن العقل ينظر إلية كما نظر عدنان إلى لينا لأول مرة ,,, فهو لم يرى سوى ما سمحت له بأن يرى ,,, حاز هذا الزائر على ترحيب غريب مخيفا بعض الشيء إلا أن هالته دفعت ببعض الذكريات للخلف,,, كان الضيف الأول و لم يكن الأخير ,,, كل هالة دفعت بشيء إلى الذاكرة حتى الذاكرة لم تعد تحمل نفس الترتيب لذكريات العهد السابق التي التي غطاها الغبار الحاضر الذي يجذبُني أكثر ,,,
عندها أدركت أن
الطريقة و الأبواب و النوافذ والجدران لا تساعدنا على النسيان بل تساعدنا على التذكر
المستمر و حدهم ضيوف الحياة هم القادرون على اشعال ثورة النسيان في عقولنا
,,,
Comments
Post a Comment