قرض اللقاء الأول


في اللقاء الأول تحت أشعة القمر و نسمات رقيقة عذبة و رائحة الياسمين لابد و أن يطرح سؤال: حدثني عن نفسك؟ أو من أنتَ أو أنتِ؟ هذا السؤال فرض على الحوار الأول لأبناء آدم و بنات حواء.

 رغم أني قد أكملت السادسة و العشرين من عمري و قد تجاوزت الكثير من الإمتحانات إلا أنه مازال السؤال الأصعب بالنسبة لي. كلما سمعت ذلك السؤال تشتعل ثورة في داخلي بين الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي و يساندها سلبيات شخصيتي و التي لا ترغب أن تخرج إلى العلن في اللقاء الأول.. أما الطرف الثاني فهو جميع الأمور التي رغبت بتحقيقها و لم أستطع .. لتقصير مني يموّله إحساس بأن الحياة لم تمنحني الفرصة لإمتلكها ..بدافع رمي الذنب على غيري.


 لذلك أصمت و أكتفي بإبتسامة صفراء لا يعرف المحقق الكونان الساكن في الشخص الجالس أمامي ماذا أقصد.. و تحت عجلة الإصرار أجد نفسي ملزمة بالتصريح عن بعض الأمور  كدراستي و عمري و المكان الذي أسكن.. رغم يقيني المطلق أنّ السائل ينتظر إجابة أخرى.. و حين أجد إلحاحاً شديداً أتهرب من الموضوع بقول : إسال ما تريد أن تعرف و سأجيب.. و بذلك أدفعه لحيرة السؤال لأخد قسطاً من الراحة..


 و لكل ما سبق و لإعتقادي بأن البعض سيشعر بما أشعر.. ففي كل مرة  أحاول جاهدة أن أتجنب طرح هذا السؤال.


 و في الكفة الأخرى من يستطيع الاجابة على هذا السؤال بكل سرعة دون أن يتردد و كأنه يسمع أنشودة "أمي و أبي أغلى النسبي" كم شعرت بالغيرة منهم و لكن سرعان ما اكتشفت أنّ بعضهم يصورون صورة لشخصياتهم كما يروها في أحلامهم كل ليلة.


 لم أكتشف ذلك بمحض الصدفة بل لرغبتي بتعلم كيفية الإجابة عن ذلك السؤال فهو كحسكة في حنجرتي.. فقليلون من هم قادرين على الإجابة دون طلب قرض من بنك الكذب. بنك يقدم القرض في اللقاء الأول و نتمكن من سداده في اللقاء الأخير.




Comments

Popular posts from this blog

رحيل اضطراري

الخريف

همسات الإنتظار

شكراً لكونك أنت