قهوة الركود - الجزء الرابع

سمر - شاعرها أم حبيبها

سمر ترتاد قهوة الركود منذ عامين حين انتقلت للمدينة للبحث عن عمل ضمن مجال شهادتها في إدرة الأعمال.. هي لم تتجاوز الثلاثين من عمرها إلا أنها تمتلك نضج خمسينية أيقنت بأن الحياة قصيرة  مما دفعها للتمتع بأبسط الأشياء التي نعشقها و لا نتحدث عنها كثيراً. كل من يراها يشعر بنبض الحياة في وجهها فيحتار بين ابتسامتها العفوية الطفولية و بين نظرات امرأة ناضجة تعرف ما تريد و ما تستحق و لا تتنازل إلا بطوع منها. 

كانت البداية في غرفة الإنتظار لإجراء مقابلة عمل، ليأتي صوت من الخلف أذابها سحره و حضوره لم تلتفت بسرعة بل حاولت أن تستمع بالحديث و الصوت إلا أن صوت السكرتيرة الذي أخبرها بأن السيد معتصم ينتظرها في مكتبه قطع عليها متعة التأمل.  سارت نحو المكتب  محاولة سرقة النظرات لصاحب الصوت الجميل إلا أنها لم ترى ملامحه بوضوح. 

ساعة من الأسئلة و النقاشات أجابتها بعقلٍ يحلم بسماع ذلك الصوت من جديد و رغبة في الحصول على الوظيفة أملاً أن يكون صاحب الصوت موظفاً في الشركة. 

خرجت مسرعة لعلها تسمع صوته قبل رحيلها ،،، إلا أنها لم تجد سوى السكرتيرة.. خطر في بالها أن تسألها إلا أنها لم تجد صيغة لسؤالها فخرجت و صوته يرافقها و ابتسامتها تفضحها.

طال الإنتظار و لم تسمع خبرمن الشركة إلا بعد ثلاثة أسابيع معتذرين عن التأخير و مُبريرنه بحالة وفاة لصاحب الشركة . 
في صباح اليوم التالي توجهت و الشوق يسبقها ،، دخلت بقدمها اليمنى و داعية أن يجمعها الله بصاحب الصوت، لم يطل الإنتظار في مكتب سكرتيرة لتدخل مكتب السيد معتصم من جديد و يعرفها على أمير "صاحب الصوت".

  أمير مديرها المباشر و سيشرف على تدريبها.. هي  ابتسامتها لم تفارق وجهها طوال المقابلة إلا أن أملها خاب حين أخبروها بأنها ستباشر عملها بعد أسبوعين.

رغم خيبة الأمل إلا أنها تشعر بفرحة لم تنتابها منذ زمن. رحلت و لكنها على يقين بأنها ستعود و تستمع بصوت و حضور أمير من جديد حتى لو بعد أسبوعين. لم يفارق صوته -صوت أمير- سمر طوال الأسبوعين.
 إلى أن جاء اليوم الموعود، في طريق استوقفها سؤال :" صوته جذبني دون رؤية وجهه و شعرت بحضوره من نظرة خاطفة، و أشعر بفرح كبير لأني سأعمل معه في نفس القسم، و أشتاق لصوته، إلا أن قلبي لم يخفق و لم يذكره؟!" 
لم تستطع أن تكمل السؤال و الإجابة عليه لتجد نفسها تجلس خلف مكتبها و إبتسامتها ترافقها. 


سمر تعمل مع أمير منذ عام و لا تعلم عنه الكثير لأنه شخص كتوم و لا يبوح بالكثير عن حياته الشخصية. عام و لا زال صوته يجذبها و تطوق لسماعه و لا تتخاذل عن البحث عن أي سؤال أو نقاش لتوجهه لأمير. و مازال السؤال :" أين قلبي من كل ما يحدث؟" و تسرد بعدها قصيدة محمد درويش "هي لا تحبك أنت ،،، بل يعجبها مجازك ،،، أنت شاعرها ،،، و هذا كل ما في الأمر"... 

Comments

Popular posts from this blog

رحيل اضطراري

الخريف

همسات الإنتظار

شكراً لكونك أنت