ألوان الحياة





في اللحظة الأولى و مع النفس الأول لي في هذه الحياة وضعت الممرضة بين يدي  لوح أبيض و بجانبي علبة ألوان . و قالت : "هذا لوح سترسمين عليه حياتك و سيتمدد كل عام لا, لا بل كل يوم و علبة الألوان بجانبك قد تحصلي على ألوان غير الموجودة و قد لا تحصلي . مزج الألوان مسموح و الإبتكار مطلوب و المسح ممنوع ". كأن تفكيري في   تلك اللحظة محدود و أحلامي لم ترسم و أنانية طفولة مسيطرة و لساني يردد :"سأرسم هذا الوح بنفسي و لن أسمح لأحد أن يقترب منه ,,,,, و لا حاجة للممحاة


علبة ألواني تحتوي كثيرأ من الاقلام : قلم الفرح و  الحزن ,,, قلم الإبتسامة و الدمعة ,,, قلم الصبر و العجلة  ,,, قلم العمل و التكاسل ,,, قلم الشعور والجمود,,, قلم الإتزان و التشتت ,,, قلم الحلم و الحقيقة ,,,, قلم الحب و الكراهية ,,,, قلم الصدق و الكذب,,, قلم التواضع و الغرور,,, قلم الشكر و الجحود ,,, قلم التوكل و التواكل ,,, قلم الجبن و الشجاعة ,,,  قلم الأمل و اليأس ,,, قلم الصديق و العدو ,,, قلم القريب و الغريب ,,, أقلامي كثر و من حين إلى آخر يقدم القدر هدية قلم جديد و أقلامي لا تنتهي و كل قلم ينقسم إلى نصفين ,,, إذا بالغت  بإستخدامه إستدار للطرف الآخر بسرعة البرق ,,,  
غرور طفولتي بد بالتلاشي يوم بعد يوم و أيادي كثيرة  رسمت على لوحتي بعضها أضافت سحر جميل و أخرى شرحت درس في الحياة و لوحي مازال يكبر و كل يوم يحمل خطوطا جديدة و في بعض الأحيان يتسلل إلى علبتي ألون جدد أرسم بهم خطوطا و أكتب كلمات بمعنى أو بدون معنى و كلاها تعبر عن حدث أو شيء ما مررت به تعلمت فن الضوء من أجل لوحي ,,, أجعلها تشرق فوق خطوطي الجميلة و وتغرب عن الخطوط المبعثرة و المشوه و الدروس المشروحة ,,,, 

أما الممحاة فهي قصة قابلة للطرح والنقاش في كل يوم و كل لحظة ,,, أشعر بحاجتي إليها  حين أرى خطوطا متشابكة و كلمات مبعثرة و ذاكرتي تخونني في سرد قصصها و ما بين التحليل و التفسير و حادث أليم في ذاكرة يبدأ شريط بعرض قصة الخطوط و الكلمات فأتذكر درس في مدرسة الحياة ,,, فأعتذر لهم وأقدم الهدايا  كنوع من الشكر ,,,,فلولا هذه الخطوط المتشابكة لما كنت أنا ,,, تفاصيل صغيرة جميلة و حزينة ,, بدمعة و إبتسامة هي من صنعتني ,,,, فلا أنكر فضل الأشياء الكبيرة و لكن الصغيرة هي من ميزنتني ,,, شكراً 


ملاحظة: تم نشر هذا المقال في مشروع قلم
x

Comments

Popular posts from this blog

رحيل اضطراري

الخريف

همسات الإنتظار

شكراً لكونك أنت